شرذمة أشخاص تافهين يتبجحون بـ”النضال” في “باريس” احتجاجا على “الأوضاع” في “الريف”، يقدمون على إحراق العلم الوطني.
وفي هذه القضية بالتحديد، لا وجود لحياد ولا لموضوعية ولا لمنزلة بين المنزلتين.
إنه الوطن. الانتماء. فخر الانتماء. وعندما يمس الوطن، يمس الإنتماء، فإنه لا مجال للتساهل باسم الحرية والحق في الاحتجاج، مهما تكون شرعية المطالب المفترى عليها.
إحراق العلم الوطني أمر حقير.
ولن نراوغ للتعبير عن الحنق والغضب والاستنكار.
لن يجرأ على ارتكابه إلا أناس حقراء. شرذمة أشخاص يسيؤون إلى عدالة القضايا الاجتماعية والحقوقية والاقتصادية والثقافية التي ضحى من أجلها مناضلون حقيقيون. أدوا الثمن غاليا في سنوات الجمر والرصاص. وتكبدوا من الأضرار النفسية والمادية الشيء الكثير. ولم يسبق لأحد منهم أن أقدم على مثل هذه الأفعال الشنيعة.
لأن الوطن خط أحمر. لأن العلم رمز الإنتماء. رمز الوطن.
نختلف. نحتج. نعبر عن رفض القرارات والسياسات. نخرج في مسيرات. ننظم وقفات. ونرفع شعارات غاضبة. في بعض الأحيان قاسية. لكننا دوما نحمل الوطن في القلوب. ومعه العلم. رمز الانتماء. رمز السيادة. رمز التميز. نحمل الوطن في القلوب، لذلك نغضب ونحتج. نريده مغربا يسع جميع أبنائه وفئاته. مغربا بمؤسسات قوية وخدمات قريبة من المواطن. مغربا ناهضا بجميع مكوناته. مغربا متعددا متنوعا لكنه دوما متلاحما. متشبثا بأسسه.
لقد ضحى الأجداد من أجل هذا المغرب. من أجل هذا البناء. من أجل هذا الانتماء. من أجل هذه الرموز. من أجل هذه السيادة. من أجل هذه الوحدة. من أجل النهضة التي نتطلع إليها. وواصل الآباء هذه التضحيات. واصلوا معارك البناء، كل من موقعه. باختلاف زوايا النظر. بتعدد التقييمات للأوضاع. في سياق تدافعي غني ومثمر.
ولا يمكن القبول بإحراق العلم الوطني من قبل أشباه مناضلين ومناضلات التحقوا بالركب متأخرين. إنه استفزاز لمشاعر الانتماء. إهانة لتضحيات الآباء والأجداد. إساءة كبيرة لمشروعية المطالب العادلة والمشروعة لبناء مغرب مشرق متعدد متنوع وغني بروافده ومكوناته وجهاته. غني بمؤهلاته وإمكانياته وثرواته البشرية. غني بتطلعات أبنائه.
لا يمكن القبول بإحراق العلم الوطني تحت أي ذريعة كانت. وباسم أي ملف مفترى عليه.
لقد حقق المغرب الكثير من الإنجازات، حقوقيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله. وهذا لا ينكره إلا الجاحدون الذين يصرون على تقديم القتامة في كل شيء لخدمة أجندات مرفوضة.
لكنه، مع ذلك، يجب القول أيضا إن المغرب يواجه تحديات ضخمة. إكراهات صعبة. ملفات اجتماعية واقتصادية ثقيلة. وعلينا أن نتدافع جميعا من أجل تجاوز هذه الأوضاع، من أجل تكريس التطلعات الرامية إلى تحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية لجميع أبنائه.
لكن قمة الحقارة. قمة الإساءة للتدافع السلمي والإيجابي في المغرب هو أن تقدم هذه الشرذمة على إحراق العلم الوطني باسم النضال المفترى عليه. إنه بؤس نضال.